معنى التدبر
لغة التفكر ومادته تدور حول أواخر الأمور وعواقبها " فالتدبر هو النظر في عواقب الأمور وما تؤول إليه ومن هنا نستطيع أن نفهم التدبر هو التفكر الشامل الواصل إلى أواخر الدلالات الكلم ومراميه البعيدة " 1
فاعتمادا على هذا التعريف يكون التدبر هو " التفكر باستخدام وسائل التفكير والتساؤل المنطقي للوصول إلى معان جديدة يحتملها النص القرآني وفق قواعد اللغة العربية , وربط الجمل القرآنية ببعضها وربط السور القرآنية ببعضها وإضفاء تساؤلات مختلفة حول هذا الربط أو ذاك . "2
أهمية التدبر
لماذا التدبر سؤال مطروح ومهم وملح ولعل الأهمية في التدبر تكمن :
1 – الامتثال لأمر الله سبحانه وتعالى فلقد أمرنا بذلك فقال
" أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا " النساء
" أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها " محمد
وإن الله علم أن هذا التدبر فيه خير عظيم وإن كنا نحن المسلمين لا ندركه إدراكا صحيحا
2- القرآن الكريم بحر فائض من الخيرات ورية الرحمن للعالمين
هل كان القرآن إلا رية
من يد الرحمن هنية
و عطية أبدية
يسمو بها الإنسان "3
وقد قال الرافعي رحمه الله " القرآن الكريم يعطيك معان غير محدودة في كلمات محدودة " 4
وهذا البحر الفائض من الخيرات لا بد لاستخراج الدرر المكنونة فيه من غوص وتدبر لاستخراجها واستخراج الحلول للمشاكل المستجدة في عصرنا وفي كل العصور وهو ما يسمى بصلاحية الإسلام لكل زمان ومكان " قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو حئنا بمثله مددا " الكهف
فكيف نتدبر القرآن
لا بد أن تكون هناك خطوات عملية من أجل أن نصل إلى العتبة الدنيا التي نفهم بها عن رب العالمين سبحانه وهذه بعون الله بعض النقاط :
1- الاهتمام باللغة العربية: فالقرآن الكريم نزل باللغة والعربية بل يمكن أن نقول إن اللغة العربية هي الوعاء الذي اختاره الله لتستوعب القرآن الكريم
" إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون " يوسف
" وكذلك أنزلناه حكما عربيا ." الرعد
" وكذلك أنزلناه قرآنا عربيا...." طه
ولقد كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه يقول " العربية من الدين "
فلذلك أول خطوة في طريق تصحيح علاقتنا مع القرآن الكريم هو بعض الاهتمام بهذه اللغة
فمن يريد أ يتعامل مع القرآن الكريم فلا بد أن يتجاوب مع لغته
2- كثرة التساؤلات في القرآن : قالوا قديما العلم خزائن ومفتاحه السؤال وأي علم أوسع وأغزر من القرآن الكريم فإضفاء التساؤلات المختلفة على القرآن الكريم يعطينا فهما أوسع للقرآن وامتدادا زمانيا ومكانيا له
فمثلا لماذا جاءت هذه السورة قبل تلك ولماذا قدم الجملة هذه على تلك
إن هذه التساؤلات وغيرها تجعل القرآن الكريم يفتح لنا أسراره الكامنة وتجعلنا نستنطق كثيرا من الآيات لم تستنطق بعد
3- العمل تحت قول المفسرين العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب : وهي قاعدة مهمة حيث أن ما كان سببا في نزول بعض آيات القرآن الكريم لا يقتصر على الحادثة فقط إنما تقاس عليها كل الحوادث المشابهة فأسباب النزول هي وسائل ايضاحية وليست وعاءا حصريا فما نزل في الوليد بن المغيرة يقاس عليه كل من يتصف بصفاته وما نزل بأبي لهب يقاس عليه كل من يتصف بالصفات ذاتها
4- الاهتمام بالصحيح من تفسير القرآن الكريم : ذلك أن النبي عليه السلام هو الناقل عن الله وهو المبين للقرآن الكريم